مقالات

هل تعتبر الثقافة الرقمية سند رشيد يهذب ميولات الطفل البريئة؟

ابتعد أطفالنا عن الطبيعة وأصبحت أماكن ألعابهم الشاشات وتطبيقات الألعاب الإلكترونية، باتوا بلا حياة إجتماعية وحصرت معارفهم بأشخاص وهميين قد لا يعرفون عن خلفياتهم شيئاً.

باتت الحضارة الرقمية هي المُسيّر الأول لحياة الشعوب، إذ انصهرت في تقنياتها وتطورها ووسائلها، حتى أصبحوا لا يستطيعون الإستغناء عنها وكأنها النمط الوحيد الذين عرفوه ونشأوا عليه. ومن الطبيعي أن يفهم كل فرد تقنية وسائل التواصل الإجتماعي ويستخدمها، خاصة أنها إحدى الركائز الأساسية للحياة الإجتماعية في يومنا هذا. لكن هل من الضروري أن ينشأ الطفل عندما يبلغ بضعة أشهر وحتى ال14 سنة مع هذه الظاهرة؟

سهّل التطور التكنولوجي كل الأعمال تقريباً، حتى الأمومة ما عادت بهذه الصعوبة، فكل ما يلزم لإسكات الرضيع في بعض الأحيان هو وضع شاشة الهاتف أو الحاسوب أو التلفزيون أمامه على قناة يوتيوب خاصة بالأطفال لتبهر عينيه الصغيرتين وتصبرهما أمامها لساعات من الوقت. وكل ما يحتاجه الطفل في مرحلة الروضة لوح رقمي بين يديه كي يشعر بأنه مكافأ من قبل والديه وكي يخفف عنهم حمل العذاب الذي لا بد أن يمر به كل إنسان حتى نضوجه. ومؤخراً أصبح العلم والثقافة يلقنان عبر الإنترنت وسيكون جيل وربما أكثر من خريجي التعلم عن بُعد الذي فرضته جائحة كورونا.

من المسلّم به أنّه لا بد من مجاراة هذا التطور وهذه الحياة الإفتراضية. ولا غنى عن معرفة كل شيفرة ووسيلة تقنية من قبل جميع الأعمار، فقد يشعر من هو بعيد عن هذه الوسائل والبرامج بالنبذ أو النقص وربما التخلف. لكن للأسف في مجتمعاتنا خاصة العربية منها، يُسلَّم بكل شيء إلا الحدود، فهي تطلب مجهود أكبر من لا حدود التطور والتكنولوجيا. هذه الحدود ورغم صعوبة حوجزة حياة أطفالنا بها، إلا أنها أمانهم وأمنهم من بوتقة رقمية قد تفسد نفسياتهم وعقولهم. لقد ابتعد أطفالنا عن الطبيعة وأصبحت أماكن ألعابهم الشاشات وتطبيقات الألعاب الإلكترونية، باتوا بلا حياة إجتماعية وحصرت معارفهم بأشخاص وهميين قد لا يعرفون عن خلفياتهم شيئاً. وبالرغم من إيجابيات التكنولوجيا على الجيل الصغير وسعة أفاقها ومساحاتها العلمية والثقافية ونعمها العديدة إلا أن لكل نعمة نقمة، تكمن هنا بفقدان البراءة وتخبط ميولات الطفل وأحكامه وحكمه على كل شيء. ومقابل القوة التي يكتسبونها فيما يخص معلوماتهم وسهولة وصولها إليهم، هناك فجوات من الضعف تلفهم جراء احتجازهم داخل الشاشات والخوارزميات، منها في أجسادهم الذين تعودوا على وضعية واحدة وحُرموا من الحركة وتنشق الهواء. وعلى نفسياتهم التي باتت ساحة مقارنة بما ينشره الغير على وسائل التواصل. وبركان غضب وحرب في مواجهة آفات وابتزازات إلكترونية، إضافة إلى جهل إجتماعي خلفه عدم التواصل الشخصي وبشكل مباشر مع العالم.

لكل مقام مقال. ولكل عمر حق. لا تحرموا أطفالكم من حقوقهم الواقعية المرتبطة بشكل مباشر بالطبيعة والبشر والحجر. عقولهم وآفاقهم تتسع بمخاطبة الواقع أكثر من الإفتراض. أيديهم لا زالت صغيرة على حمل أجهزة تكبلها وتحد قدراتها، فليختبروا نِعَم الحقيقة قبل أن تَفرُض عليهم الحياة منفى التكنولوجيا.

ما هو شعورك؟

احببته

احببته

0

احزنني

احزنني

0

اسعدني

اسعدني

0

اغضبني

اغضبني

0

لتعلق يجب أن تسجل الدخول أولاً

تسجيل دخول