مقالات

في عامي الثامن عشر بلا حساب على مواقع التواصل الاجتماعي 

فتاة بالثامنة عشر من عمرها تروي ل"#سايبرأكس" عدم وجودها داخل كون #الحضارة_الرقمية.

أظن أنني مستعدّة كل الاستعداد لفك "#شيفرة" من اعتبرهم من أبناء جيلي، خاصة بعد تعرّض أحدهم لي  في الآونة الأخيرة واتّهامي بالرجعية، لأنني "في الثامنة عشر من عمري  وبلا حساب على #مواقع_التواصل_الاجتماعي". 

قبل أن يصبح لدي الوعي الكافي لأخذ هذا القرار المصيري، كنت كأي "فتاة طبيعية"، أملك حسابي الخاص على إحدى #المنصات_الإلكترونية، إنما كنت افتقر لهويتي الشخصية، فتشبّهت بالجميع إلا نفسي، أقارن نفسي بتلك الفتاة الجميلة الشقراء، أو تلك التي تسافر من بلد الى آخر، أو التي أعتقد بأن حياتها مثالية، بسبب كثرة أصدقائها وصورها، التي تبقى مبتسّمة فيهم جميعهم. وهنا تظهر حقيقة جيلي المقلقة وهي أننا جيل كئيب بصور سعيدة. فالفتاة الأولى تعاني من طلاق والديها. والثانية تعاني من مشاكل صحية. والأخرى جميع أصدقاءها التي تنشر صورها معهم إفتراضيين.

لم أكن شخصياً مستعدة لنشر أي صورة لنفسي. وحتى لو كنت بنظر البعض "جميلة، من ماذا تخافين ليس لديك أـي عاهة". في الحقيقة كانت تصيبني حالة من  التوتر قبل محاولة تحميل إحدى صوري. ومازلت أعاني حتى اليوم من الضغط الصادر عن الانطباع الذي سأتركه والشعور المتكرر المقزز أنني سأكون السيرة الأساسية في الجَمعة التي يعقدونها متابعيني. لكنني اكتفيت ومللت الاختباء، فلماذا نختبئ وراء شاشاتنا ونغطّي بثور وجهنا بالفلتر ونضع فوقه وجوه أخرى لا تمت بأي صلة لواقعنا ونتعرّى من حقيقتنا، لماذا؟ لأن #الواقع_الإفتراضي أسهل أن يعاش من الواقع الفعلي. لقد خلقوا لنا مساحة موجودة وغير موجوجة في نفس الوقت، نحن موجودون وغير موجودون، بشر دون حياة إجتماعية إنما فقط إلكترونية - إفتراضية.

وحتى أفراحنا وأحزاننا أصبحت رهن اعتقال الأجهزة والحسابات الإلكترونية. ها هي إحدى الفتيات تبكي على حبيبها الذي تعرّفت عليه على إحدى المواقع وها هي أخرى تواسيها برسائل وببعض الرموز التعبيرية أي الemojis  معبرة بذلك عن تعاطفها. وكانه فيروس جديد يتفاعل في قلوب الفتيات ويُعمي بصيرتهن ويسيطر على أعصابهن تحت مسمّى الحبيب الإفتراضي الذي ينقض على فريسته خادعا اياها بهوية وصور مزيفة بهدف الوصول إلى مبتغاه وتنفيذ مخطط #التحرش_الإلكتروني أو #الإبتزاز_الإلكتروني وغيرها الكثير من المصطلحات الناشرة للرعب في النفوس.

ويقضي المخطط  أولاً بالعثور على  حساب الفتاة المستهدفة، فإذا كان حسابها علني public يبدأ بالتفتيش بصورها *بتأنّي* لكيلا يعجب like بأحد صورها عن غير قصد، أما إذا كان حسابها خاص private account فربما يبحث بحسابات الأصدقاء المشتركين أو يختصر هذا "الشقاء" بمتابعة حسابها follow.

وبعد مرحلة جمع المعطيات، تأتي المرحلة الثانية وهي التطبيق، والتي تبدا بجذب الفتيات، عبر الكلام المعسول. وبعد بحث بسيط أجريته على محيطي من الإناث اللواتي تبلغ أعمارهن من ال15 وحتى ال25 عاماً تبيّن ان ٨٧% من "الرجال الافتراضيين" يبدأون بالتعرف على الفتيات بالتحية الباطلة: heyy وأشدد على الـ double y فهذا ما تسميه فتيات جيلي بالمتلاعب أي الـ player، أما بعد السلام والتعارف، راقبن هذا الرجل "الافتراضي" وفي حال انحصرت أسئلته عن صورك، مظهرك، شكلك ومحاولته الملحة بالحصول على ثقتك، فاعلمن بأنه "علم أحمر" أي ال red flag. واتخذن الحيطة والحذر قبل أن تصبح أمنياتكن بوجود زر تمحون فيه ذاكراتكن مثل ذلك الذي تمحون من خلاله الصور، الرسائل الصوتية والنصية وحسابكن الإلكتروني.

أسأل نفسي، هل نحن من نستعمل هواتفنا، ام انها من تستعملنا؟ هل تحاول التكنولوجيا إعادتنا إلى نظام العبودي، إلا أنه من يستغلنا هذه المرة آلة بحجم الكف نحبس فيها كل مشاعرنا حتى تمتلئ الذاكرة أو ال Memory؟. 

نعم، لا أملك حساباً إلكترونياً، واتخذ القرار بتحديد مصير حياتي بيدي وليس بما يحمله الناس بأيديهم.

وهنيئاً للحضارة الرقمية بتابعيها...

 

 

ما هو شعورك؟

احببته

احببته

0

احزنني

احزنني

0

اسعدني

اسعدني

0

اغضبني

اغضبني

0

لتعلق يجب أن تسجل الدخول أولاً

تسجيل دخول