مقالات

إلغاء الكتب الورقية: عندما تتحول الحروف إلى ضوء

كان الكتاب الورقي هو الرفيق الوفي لكل عاشق للكلمة وسيبقى السكينة الوحيدة وسط #الطوفان_التكنولوجي

في زمنٍ غير بعيد، كان الكتاب الورقي هو الرفيق الوفي لكل عاشق للكلمة. وكانت تتناثر من المكتبات، صفوف من الأوراق التي تحمل بين طياتها عوالم من الحكايات، الأفكار والذكريات. كان الكتاب الورقي هو الجسر الذي يعبر به الإنسان بين واقعٍ مادي وآخر من الخيال، هو الرفيق الذي يهمس في أذن القارئ في صمت الليل، لينقله إلى عوالم أخرى بعيدة، حيث لا مكان للزمن ولا للحدود

لكن، مع زحف #التكنولوجيا إلى كل زاوية من حياتنا، أو مع الاجتياح الدكتاتوري التكنولوجي، بدأت هذه الكتب الورقية تتراجع شيئًا فشيئًا، خاصة بعد خوضها عدة منازلات خاسرة أمام شعب فضل الجديد على القديم والضوء على الورق. ليست الحروف هي التي تموت، ولكن الوسيلة التي تحملها. أصبح #الكتاب_الإلكتروني هو الرفيق الجديد الذي يستحوذ على حيز القراءة، بل ربما أصبح هو المستقبل الذي لا مفر منه. فمن شاشة إلى أخرى، أصبحت العوالم تنتقل بسرعة الضوء، من يد إلى يد ومن جيل إلى جيل، دون أن يمس الورق، أو تلامس الحروف أنامل القارئ في شعور ملموس.

الضوء بدل الحبر: هل يمحو الذكريات؟

كان يحمل الكتاب الورقي في طياته عبق الماضي، من رائحة الورق المستعمل وخشخشة الصفحات التي تتحرك تحت أصابع القارئ، تلك الأصوات الصامتة التي تتسلل إلى الأعماق. أتتذكرون تلك الحركة الغريبة الإعتيادية في آن واحد، عندما يبلل الإبهام بريق المثقف لطي صفحة والانتقال إلى أخرى؟ كان للحبر مذاق...
كل كتاب كان حكاية خاصة، وكل صفحة كانت جزءًا من حياة جديدة. ولكن في عالمٍ أصبح الضوء فيه هو المقياس الوحيد، بدأ
#الكتاب_الإلكتروني يبدد تلك الذكريات. فتلك الأجهزة اللامعة التي تحمل في قلبها آلاف الكتب، أصبحت أسرع من الرياح، أكثر سهولةً من المياه وأقل وزنًا من الذكريات.

فهل تستطيع شاشات الأجهزة أن تحمل بين طياتها نفس القدر من السحر الذي كانت تحمله الكتب الورقية؟ وهل ستظل القراءة على الشاشة بنفس سحر التجربة التي نعيشها عندما نطوي صفحة كتاب حقيقي؟ أم أن الحروف التي تومض على شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية ستظل تفتقد إلى تلك اللمسة الإنسانية التي تمنحها الصفحات الورقية؟

الكتب الورقية: كائنات تتنفس في الزمن القديم

وعلى الرغم من أن #التكنولوجيا قد فرضت نفسها بقوة، لا يزال هناك أولئك الذين يتشبثون بالكتاب الورقي ككائن حي يتنفس، يحمل في صدره الذكريات والأحلام. هم أولئك الذين يشعرون بوجود خاص مع الورق يمنحهم سلطة الجذور الثقافية، الذين يعانقون كل صفحة كما لو أنها قطعة من الزمن الجميل، طفل بريء أو عجوز ببركة مؤمن. إنهم يعلمون أن هناك شيئًا لا يمكن أن تحققه أي شاشة أو جهاز. فمع الكتاب الورقي، يمكنك أن تفتح صفحة وتغرق في طياتها، تجد نفسك ضائعًا في الحروف وفي كل سطر، تستنشق هواء الكلمات، وتغوص في أعماق الرواية. إنها تجربة لا تعوضها اللمسات الباردة لأجهزة التقنية الحديثة.

حتى وإن قدمت لنا #التكنولوجيا الراحة والسرعة، فإن الكتاب الورقي يظل يذكرنا بحقيقة ما يعنيه أن نكون بشرًا. نحن لا نقرأ فقط للكلمات، بل لكي نعيش التجربة. نقرأ لكي نترك أثرًا في أنفسنا وفي ذاكرة العالم.

بين الماضي والمستقبل: رحلة مستمرة

قد تكون النهاية الحتمية للكتاب الورقي قد اقتربت، ولكن لا يمكن أن يكون هناك وداعٌ كامل بين الإنسان والورق. فحتى في #عصر_التكنولوجيا، لا تزال الروح الإنسانية تبحث عن وسيلة للتواصل مع هذا العالم القديم. ويبقى الكتاب الورقي رمزًا للماضي، لكن تلك الرموز لن تختفي، بل ستظل ترفرف بيننا كخيالٍ بعيد، يمنحنا لحظاتٍ من السكينة وسط هذا #الطوفان_التكنولوجي.

فربما تكون شاشاتنا قد تسابقت لاحتلال عرش القراءة، ولكن تبقى الكتب الورقية، في مكان ما داخل أرواحنا، علامة على قدرتنا على الحلم، على التمسك بالجمال وعلى السعي الأبدي للمعرفة في عالمٍ يتغير بسرعةٍ تفوق سرعتنا. وفي النهاية، لن تختفي الكتب، بل ستظل تتجسد في أشكالٍ جديدة على شاشاتٍ مضيئة، ولكن بذكرياتٍ قديمة تظل راسخة في القلوب.

أما عن المستقبل، فربما لا نعرف ما الذي سيأتي به، لكننا نعلم أن الكلمة، في كل شكل من أشكالها، ستظل حية، ستظل تهمس في آذاننا، سواء كانت مكتوبة على الورق أو مضيئة على شاشاتنا.

 

ما هو شعورك؟

احببته

احببته

1

احزنني

احزنني

0

اسعدني

اسعدني

0

اغضبني

اغضبني

0

لتعلق يجب أن تسجل الدخول أولاً

تسجيل دخول