مقالات

الجيلُ ألفا: طفولةٌ في أوجِ الحضارةِ الرقميةِ

يأتي #الجيل_ألفا ((Generation alpha بعد الجيل زد (Generation Z)  وأغلب ابائهم من جيل الألفية (Millennials) حيث يبدأ مفعول #التكنولوجيا بالظهور لديهم في مراحل مبكرة وقبل اكتمال وعيهم

لجأ الإنسان عبر التاريخ إلى تقنيات وأساليب ساهمت في نقله من مرحلة بدائية إلى أخرى أكثر تطوّراً وتَمَدُّناً، فبدأ بتوظيف كل ما توفّر من حوله من عناصر طبيعية في خدمته وخدمة تطوِّره. وجمع أصواتاً ورموزاً لتتحوّل بعدها إلى 7،139 لغة مختلفة، ثم اختصر مسافات باختراع السيارات والطائرات، حتى ضجر من واقعه، ليبنى #واقعاً_افتراضياً اخر(العالم الافتراضيVirtual Reality/)، ينتقي فيه حقيقته بنفسه. 

وبحسب ابن خلدون "الإنسان ابن بيئته"، فثقافته وسلوكه ما هي إلا امتداد لعناصر محيطه الخاص. وكلما يتغيّر الزمكان (الزمان والمكان) تتغير شخصيته، أسلوب حياته ونمط تفكيره. لذلك، من الطبيعي أن يواجه التصادم والتناقض بمعارف جيلين مختلفين أحياناً. وبعد توثُّق معظم الأحداث التاريخية والبصمات التي تركتها الأجبال السابقة وفي ظل بلوغ #التكنولوجيا لذروتها، لا يسعنا إلا تصوّر مستقبل جيل نشأ وسط #الحضارة_الرقمية، وهو #الجيل_ألفا.

يأتي #الجيل_ألفا ((Generation alpha بعد الجيل زد (Generation Z)  وأغلب ابائهم من جيل الألفية (Millennials). وصنّفهم الباحث الاجتماعي مارك ماكرندل "من مواليد 2010 حتى 2020". وتزامناً مع إطلاق "الآي باد" و "الانستغرام" سنة 2010، فهو بلا شك جيل تعرّف على #التكنولوجيا قبل تعلّم القراءة.

  • ال"”scrolling دوبامين الأطفال:

يبدأ مفعول #التكنولوجيا بالظهور في مراحل مبكرة وقبل اكتمال وعي هذا الجيل. وذلك عبر ظهور تشوّش عاطفيّ ينتج عنه نوعاً من المحايدة أو البرودة في التعاطي مع النفس والغير، إذ أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات يستهلكون في ما يقارب ست ساعات على الشاشات يومياً، وفقًا لموقع (Common Sense Media, 2015). وبسبب تقنية التمرير (scrolling) التي تقتضي بالانتقال من محتوى إلى آخر عبر تحريك الشاشة، يُجبَر #المُستَخدِم قضاء ساعات طويلة على جهازه من دون هاجز يوقفه. وإذا كان المحتوى الأول يضحكه، والذي يليه يبكيه، والذي يليه يلهمه...  فستنتابه مجموعة من المشاعر المختلفة، التي لا يمكن لعقله استيعابها في وقت قصير من الزمن. سيصاب دماغ الأطفال (غير المكتمل بعد) بتَلبُّكٍ عاطفيٍّ، ما سيؤثر على تعاملهم مع مشاعرهم في المستقبل.

  • جيل يصعب جذب انتباهه:

تعتبر المعلومة قيّمة حين لا تتوفّر ببساطة للجميع، إلا أنها وبسبب سرعة وسهولة إتاحتها على #الانترنت في الأوقات الحالية، تفقد تدريجياً لقيمتها. يظهر ذلك عبر المقارنة بين طلّاب اليوم وطلّاب الجيل الذي سبق،  إذ أن الأخير واجه صعوبات لإيجاد مبتغاه، عبر البحث المكثّف في الكتب، الموسوعات والمجلات. لذلك، تغيّر نمط عمل الدماغ بعد #الثورة_الرقمية بلا شك وذلك بسبب زيادة نسبة التشتت الذهني. وفي دراسة أجرتها (Journal of Communication, 2014) أظهرت أنه في كل مرّة ينتقل الطلّاب من المحتوى المرتبط بالدراسة إلى آخر مرتبط بالترفيه كانت تزداد الإثارة/السعادة تحسبًا للتبديل، على عكس التنقّل من محتوى الترفيه إلى الدراسة، الذي يلحق به هبوطاً في الإثارة. سينتج عن ذلك، صعوبة جذب انتباههم وقلّة نسبة تركيزهم وصبرهم في إنجاز عمل يأخذ وقتاً طويلاً أو ببساطة الاستماع إلى رسالة صوتية تزيد مدّتها دقيقتين.

بالرغم من تهديدات #التطوّر_التقني والسرعة الرقمية في تقليل نسبة التركيز، إلا أنها تُوَفِّر وسائل علمية متطورة تسهّل الدراسة لمعظم الطلّاب، فيساهم ذلك في ارتفاع مستوى التعلّم. ويعتبر الباحث مكريندل بأن 90% من الجيل ألفا سينالون الشهادة الثانوية وهي تفوق 10% من نسبة مراهقي الجيل زد (Generation Z) ، كما أنه من المتوقّع أن 50% منهم سيكملون دراساتهم الجامعية.

  • الحراك المهني:

 تتغيّر متطلّبات سوق العمل وتتبدّل طبيعة وشكل الوظائف، لتجاري #التطوّر_التقني والتكنولوجي، بالنتيجة سيشغل الجيل ألفا مناصبَ وظائفٍ ليست موجودة بعد. ويعود السبب الأكبر إلى #الذكاء_الاصطناعي. فيظهر تقرير صادر عن (Institute for the Future/IFTF) أن 85% من الوظائف التي ستتواجد في عام 2030 لم تُختَرَع بعد. لذلك بدأت معظم المدارس في تثقيف طلّابها عبر حصص معلوماتية لتحضّرهم لمستقبل تُلغى فيه #الأمية_المعلوماتية. علاوة على ذلك، سيلجأ جيل المستقبل على الأغلب، إلى استعمال #العملة_الرقمية (Digital Currency)، وذلك بعد ما استهلّت دول كثيرة تجربة هذه العملة في بنوكهم المركزية كالصين واليابان والسويد، كما عمد البنك المركزي في البرازيل إلى إطلاق #العملة_الرقمية "دريكس" في 2024.

  • من أولوياته إحداث تغيير:

في ظل التغيرات المناخية التي تهدد الأرض، يبقى شباب المستقبل صانع الأمل الوحيد لتغيير هذا الواقع. وبفضل الناشطين في مجال التغيّر المناخي وهم الأكثر تأثيراً على الجيل ألفا خاصة على #مواقع_التواصل_الاجتماعي، ينعكس هذا التأثير بإحداث تغيّرات إجابية ليس فقط في مشكلة المناخ، إنما في مختلف النواحي الحياتية. ووفقاً لتقرير ((Wunderman Thompson Commerce, 201967% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم بين 6 و9 سنوات سيكون إنقاذ الأرض من أكثر اهتماماتهم.

  • التحوّل في البنية الصحية:

تتغير بنية الإنسان الصحية بتغير نظامه وعاداته الصحية. فمن الممكن ملاحظة تغير فيزيائي/شكلي أو تأثير صحّي على الجيل ألفا. وعلى سبيل المثال تزايدت حساسية الجوز بنسبة 40% من عام 2004 إلى 2019 وفقاً لصحيفة .(The Economist, 2019) كما ورد في تقرير لصحيفة (USA Today, 2014) عن تزايد أعراض كجفاف وإجهاد العين والإرهاق والصداع بسبب استهلاك الأطفال لساعات كثيرة أمام الشاشات. وفي دراسة أجرتها(The Journal of the American Medical Association, 2019)  حول تأثير الشاشات على البنية العقلية، وجد الباحثون أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعة يوميًا أمام الشاشات من دون تدخّل الوالدين أظهروا تطورًا أقل في المادة البيضاء في الدماغ. وهي المسؤولة عن المهارات المعرفية واللغوية.

  • على الصعيد الاجتماعي:

ستبلغ أول مجموعة من الجيل ألفا سن الرشد سنة 2030، وتترقّب الأمم المتّحدة تزايداً في نسبة السكّان لتصل إلى 9،7 مليار نسمة في سنة 2050، بسبب ارتفاع مستوى أمد الحياة نظراً للتطوّر الطبّي، لذلك سيشهد العالم أعلى نسبة للسكان تفوق أعمارهم ال 60 عاماً. إلا أنه سيبلغ متوسط عدد الأطفال للعائلة الواحدة 1،5 بفعل عوامل عديدة مثل تأخر سن الزواج، وتفضيل معظم النساء اكمال الدراسة على البقاء في المنزل.

 

في النهاية، مازالت صورة المستقبل ضبابية إلى حدّ ما، إذ أنه مهدّد بفعل عوامل اقتصادية، ثقافية وحتى صحية أحياناً (مثل جائحة كورونا). ويبقى دور الأهل، هو الأكثر أهمية وفعاليّة في ارشاد وتوجيه جيل نحو الطريق الصحيحة، مسلّحين بخبرات الأجيال السابقة ومتعلّمين من أخطائهم، ليضمنوا غداً واعداً لهم ولأولاد أولادهم بعد رحيلنا.   

 

 

ما هو شعورك؟

احببته

احببته

1

احزنني

احزنني

0

اسعدني

اسعدني

0

اغضبني

اغضبني

0

لتعلق يجب أن تسجل الدخول أولاً

تسجيل دخول