تعددت المنصات والفضائح ذاتها

بعد انتشار تقنية البث الحي، لجأ إليها العديد من المشاهير في مجال الفن والإعلام وحتى شريحة كبيرة من المجتمع، إذ أنه برزت على شاشات الهواتف أسماء جديدة لشخصيات لم نسمع بها من قبل وحازت على شهرة كبيرة، بل واصبحت حديث الساعة.

كيف؟

لجأ العديد من اصحاب الإختصاصات إلى الترويج لأنفسهم عبر منصات #الفيسبوك والإنستغرام والتيك توك. فبدل أن ننتظر برامج التلفاز في الفترات الصباحية أو المسائية كبرامج الطبخ مثلاً، بتنا نتبع ونتتبع bloggers يقومون بتذوق الأكل في المطاعم مجاناً بادين آرائهم (المشكوك بمصداقيتها) مقابل نشر اسم المطعم على صفحاتهم وتقديم مادة دعائية له.

وآخرون يعرضون ملابسهم اليومية أو كيفية تنظيف منازلهم وتفاصيل حياتهم والرفاهية الذين يستمتعون بها أمام أضواء ال ring lights. والمستفز الأكبر هم هؤلاء الذين يستعرضون بطريقة أقل ما يقال عنها أنها مخلة بالآداب.

من؟

أي شخص يريد الربح المادي بطريقة سهلة ومن دون اي عناء، ينشيء حساب على #مواقع_التواصل_الإجتماعي و(go live) بأتفه المحتويات وأكذبها، متابعاً كل trend ليصبح كما يصف نفسه "ملكة التيك توك، نجم السوشيل ميديا، الرقم الصعب، number one... وغيرها من الألقاب الغير معروف من أطلقها على صناع المحتوى الجدد لينفشوا ريشهم ويقارنون أنفسهم بمسيرة أشهر الأشخاص الذين سلكوا درباً طويلاً من العمل والمجهود والعناء للوصول إلى قاعدة جماهيرية تقدر أعمالهم.

لماذا؟

لأنهم كانوا من المعجبين بمن تصدرت أسماؤهم وأخبارهم المجلات والصحف والقنوات على مختلف أنواعها، فأرادوا التشبه بهم وتقليدهم، غير مدركين ربما لثمن الشهرة ومعرفة المجتمعات بأدق تفاصيل حياتهم.

ماذا يحصل؟

انتشر منذ بضعة أيام خلاف #الدكتور_فود وزوجته #شروق، التي واجهت خيانة زوجها حسب قولها، بإبلاغ متابعيها لما حصل عبر البث المباشر. وخرجت شروق بمنتصف الليل وراء زوجها حافية القدمين وبيدها هاتفها لتصور سلوك زوجها وتفضحه، تاركين طفلهما ابن الثلاثة شهور في غرفة الفندق بمفرده. كيف لم تستطع انتعال خفيّها بسبب الوضع المحرج والفوضى التي تمر بها ولم تنسى أن تأخذ هاتفها لتصور الواقعة التي يجب أن تكون (أسرار بيوت)؟

وبدأ التعاطف مع #شروق من جهة والشماتة من جهة أخرى والأخذ والرد حتى تصدر هذا الخبر العناوين العريضة أكثر مما تصدرت مآسي الشعوب التي تخوض حرباً ومجاعة وقتلاً وعذاب.

ما هو التفسير؟

يتناول الكاتب يوفال نوح هراري في كتابه “Sapiens: A Brief History of Humankind” ، تطور البشرية منذ العصور البدائية حتى الوقت الحاضر. ومن بين المواضيع التي يناقشها، دور اللغة في تطور الإنسان، حيث ان النميمة، أو نقل الحديث من شخص لآخر، كانت جزءًا من هذه العملية. وعندما بدأ البشر في التحدث وتبادل المعلومات، أصبحوا قادرين على تطوير المجتمعات ونقل المعرفة بشكل أفضل وتعزيز التماسك الإجتماعي. ويضيف هراري أن "النميمة نوع من الوظائف الاجتماعية التي حافظت على استمرار التفاعل الاجتماعي لدى أسلافنا".

فقد يرتبط ولع الناس في معرفة أخبار غيرهم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى شهرتهم، بغريزة النميمة وتناقل الأخبار والتسلية. أو ربما كما يعتقد بعض علماء النفس بأن رؤية مصائب الآخرين تخفف من مصائب الشخص نفسه، فكلما برزت مشاكل الغير إلى العلن وانشغال الفرد بها يخف اهتمامه بمشاكله أو يتناساها أو قد تكون كناقوس خطر أو تحذير لعدم سلوك التصرف نفسه خاصة بعد توجيه الإنتقادات واعتباره عار على من فعله.

ما هو الحل؟

يجب أن يتحلى كل شخص برادع شخصي، يعزز لديه خصوصيته وإرادة التحفظ وحماية كل ما ليس للعالم دخل فيه، فليس كل شيء مباح للعلن. وقد ذكر الإمام علي ابن أبي طالب " سِرُّك أسيرك، فإن تكلَّمتَ به صِرْت أسيره". إن في الكتمان قضاء الحوائج، وإنجاح المقاصد وبلوغ الغايات. والحوائج تعني ما يحتاج إليه الإنسان ويفتقده ويطلبه.

وقال الشاعر قيس بن الخطيم: أجود بمكنون التلاد وإنني... بسرّي عمّن سألني لضنين

                                 وإن ضيّع الأقوام سري فإنني... كتوم الأسرار العشير أمين

كما يترتب على الدول والسياسات والمسؤولين، وضع قوانين صارمة بما يخص الإعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل وفرض عقوبات وروادع قانونية على كل محتوى يخرج عن صيغة الثقافة والآداب الإجتماعية.