مقالات

التكنولوجيا والآلات يتشاركان مستقبل العمل مع الإنسان

في بداية القرن التاسع عشر حطم بعض العاملين في بريطانيا الآلات المستخدمة في الصناعة، لكن #الثورة_الصناعية استمرت وفي زخم أكبر، فهل سترتفع نسب البطالة أم ستظهر وظائف جديدة للبشر؟

لطالما لعب الخيال دوراً أساسيّاً في تطورالانسان. وتحوّل في العديد من الحالات إلى واقع نعيشه. حتى انتشر مصطلح "#الخيال_العلمي"، الذي يُبنى على الاكتشافات العلميّة التأمليّة وغيرها، بدءاً من العام 1898 ميلادي، فمن حينها تم نشر عدد كبير من الروايات بالإضافة إلى إنتاج أفلام تُظهر حلول الذكاء_الاصطناعي والروبوتات مكان الانسان في العمل، ممّا ولّد مجتمعات بشريّة تُعاني من الفقر والحرمان. ومع ما نشهده من تطور على الصعيد التكنولوجي والتقني في عالمنا الحاضر والذي أدى إلى سيطرة #الحضارة_الرقمية على العديد من المجالات، بات #الذكاء_الاصطناعي يُساهم بشكل كبير في الأعمال والاقتصاد سيّما في الدول المتطورة.

بحثت "سايبر أكس" عن حقيقة ما يُمكن أن تؤول إليه الأمور، لمعرفة ما قد يحدث في سوق العمل المستقبلي وتأثير التغيرات التي تفرض نفسها وتبدّل في طبيعة الأعمال، التي يمكن أن يشغلها الانسان وانعكاس ذلك على الحياة والرفاهية التي استمتعت بها البشريّة في العقود الأخيرة.

ووفقاً لموسوعة بريتانيكا فقد ظهرت فكرة مكننة الوظائف البشريّة لأول مرة في القرن السادس عشر مع شخص يدعى ويليام لي، الذي قام بتعديل الأنوال المستخدمة في صناعة السجاد ليتمكن من صناعة نسيج طويل يُمكن قصه وتحويله إلى جوارب. وبالرغم من أن الآلة التي استخدمها "لي" ساهمت بخفض الكلفة وزيادة الإنتاج وأصبحت الأساس لتطوير آلات النسيج الأخرى، إلا أن تأثير اختراعه بقي محدوداً على النطاق الواسع. وفي ثمانينات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، أي بعد مئات السنين، واجه عمّال النسيج تغييرات أكبر، لكنهم لم يكونوا وحيدين هذه المرّة. فمع تسارع وتيرة الثورة الصناعية، وانتقال الناس من المجتمعات الريفية إلى المدن، باتت الآلات التي تعمل على البخار تقوم بمهام العمال الحرفيين وتساهم بنمو غير مسبوق في صناعة العديد من المنتجات، كما أظهرت الآلة فعالية أكبر من الإنسان في زيادة المحصول الزراعي من خلال استخدامها في كل من بذر البذور وحصاد المحاصيل. مما أشعل احتجاجات من قبل بعض العاملين في بريطانيا، الذين قاموا بتكسير الآلات المستخدمة في الصناعة لأول مرة في العام 1811 ميلادي خوفاً من حلولها مكانهم في العمل وذلك وفقاً لموقع history.com. إلا أنّ #الثورة_الصناعية استمرت وبزخمٍ أكبر. وانتشرت مكننة العمل في القرن العشرين في مصانع السيارات بشكل رئيسي، إلى أن باتت تدخل في كافة المرافق في يومنا هذا. ومن الطبيعي أن ينتاب العمال الخوف من ارتفاع نسبة البطالة في المستقبل خاصة بعد مراجعة الوظائف التي حلّت أو ستحل بها الآلة والذكاء الاصطناعي مكان الإنسان. ومنها خطوط التجميع في المصانع خاصةً بعد توفر روبوتات أكثر ذكاءً وأقل تكلفة دون الحاجة إلى تقنيين لبرمجتها والقيام بالمهام المطلوبة، سائقو السيارات العامة والحافلات والقاطرات التي بدأت تتحوّل إلى القيادة الذاتية، التسويق أي (marketing) عبر الهاتف ووظائف الاستقبال (Reception) حيث باتت تتحوّل إلى آليه من خلال التعرف على الصوت وتركيب الكلام، أمناء الصناديق في المحلات التجارية الذين باتوا يستبدلون بصناديق الدفع الذاتي، الصرافون في البنوك إذ أصبح من الممكن الإيداع والسحب عبر ماكينات السحب الآلي، التعبئة والتغليف ونقل البضائع في المخازن حيث احتلت شركة أمازون موقع الريادة في استخدام الروبوتات للقيام بهذه الوظائف، استبدال التقنيون في الصيدليات بروبوتات لإعطاء الوصفات الطبية، برامج جمع المعلومات وتحليلها والقيام بالأبحاث، العمل الصحفي إذ اعتمدت العديد من الوكالات على برامج لجمع المعلومات وكتابة المقالات، الطيارون الآليون، عمال البريد، الأطباء والجرّاحون الآليّون، وغيرها الكثير من الوظائف.

وعلى الرغم من قدرة #الذكاء_الاصطناعي والتقدم التكنولوجي من تنفيذ بعض المهام، إلا أنّه لا يستطيع القيام بالوظائف التي تحتاج إلى خصال بشريّة كالتفكير الاستراتيجي، حل النزاعات، القدرة على التفاوض والذكاء العاطفي. ومن أبرز هذه الوظائف إدارة الموارد البشرية، محلل أنظمة الكمبيوتر، التعليم، الألعاب الرياضية الاحترافية، المحامون والقضاة، الكتّاب، المدراء التنفيذيون، منظمو الحفلات، السياسيون، إضافة إلى الأطباء والمعالجين النفسيين. ولا بد من ظهور وظائف ستنتج عن التطور التقني، فالتجارب السابقة أظهرت بأنّ الثورات الصناعية التي حدثت قد ساهمت بإيجاد وظائف جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهو المنحى الذي يأخذه سوق العمل مع تنامي سيطرة الحضارة الرقمية. ولعلّ مساهمة #التكنولوجيا باستمرار العمل جراء جائحة كورونا، وإتاحة الفرصة للعمل عن بُعد، مما ساهم في الحدّ من الخسائر الاقتصادية على الصعيد العالمي، قد سرّع من ضرورة التأقلم مع متطلبات سوق العمل الجديدة.

وفي تقرير نشره موقع ماكنزي في 18 فبراير 2021 عن تأثير الجائحة على الحياة العمليّة وارتفاع الطلب على #التجارة_الالكترونية والمكننة، مما ساهم بزيادة نسبة العمال الذين قد يحتاجون إلى تبديل المهن التي يعملون بها بنسبة 25% أكثر مما كان متوقعاً قبل الجائحة. كما أشار التقرير إلى أنّ الوظائف التي ستكون أكثر تأثراً في سوق العمل المستقبلي هي تلك التي تحتاج إلى التقارب الجسدي، وقد قسّمها التقرير إلى عشرة خانات وفقًا لحاجة الموظف للتقارب الجسدي مع زملاء العمل والعملاء، عدد التفاعلات الشخصية المتضمنة في العمل وطبيعة موقع العمل خاصة إذا كان داخلي. وقدّمت ماكنزي في هذه الدراسة نموذج ووجهة نظر جديدة عن التغيّرات التي ستطرأ على طبيعة العمل واختلافها عمّا كان معتمّد في السابق. مشيرة إلى أن "قطاع العناية الصحية سجل 87 نقطة مئوية من حيث الحاجة للتقارب الجسدي، أما مجال الرعاية الشخصية كالصالونات والصالات الرياضية سجل 80 نقطة، في حين أن تفاعل العملاء في مواقع العمل كالمصارف والمتاجر حاز على 76 نقطة، لتنخفض النسبة إلى 75 بما يتعلق بقطاع الترفيه والسفر الذي يشمل المطاعم والفنادق. أما وظائف العناية المنزلية فقد حازت على 70 نقطة مثلها مثل قطاع العمل الداخلي في المصانع والمخازن، 68 نقطة للوظائف المكتبية في المراكز الرئيسية للشركات، 65 نقطة لقطاع التعليم والتدريب، 58 نقطة لقطاع النقل والشحن. وكانت الوظائف الخارجية كالصيانة والبناء والزراعة الأقل تأثُراً بنسبة 54 نقطة. مع الإشارة إلى أن الوظائف ذات النسب الأعلى ستكون الأكثر تغيّراً بعد الجائحة.

خلصت ماكنزي في تقريرها بالإشارة إلى أن "مزيج المهن قد يتغيّر، مع نمو ضعيف للوظائف ذات الأجور المنخفضة". مؤكدّة على "الدور الكبير الذي يجب أن تلعبه الشركات وصناع القرار باتخاذ خطوات تتعلق بتدريب وتعليم الموظفين وتأهيلهم ليتمكنوا من المحافظة على عملهم في المستقبل. كما يجب استثمار القدرة الهائلة التي أظهرتها الشركات والحكومات في التكيّف والاستجابة للتحديّات التي فرضها وباء كورونا، لإعادة تجهيز القوى العاملة بطرق تهدف إلى مستقبل أكثر إشراقاٌ على صعيد العمل".

وبناءً على كل ما سبق، أصبح واضحاً أن التغيّرات الوظيفية باتت تتأثر بعاملين أساسيين، فبالإضافة إلى #التطور_التكنولوجي، سيما بعد انتشار تطبيقات #الذكاء_الاصطناعي منذ بداية العام 2023 على صعيد واسع بين المستخدمين وفي مختلف المجالات، وبعد جائحة كورونا التي ساهمت وسرّعت الاعتماد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي. وللحفاظ على فرص الحصول على عمل في المستقبل، على الإنسان تنمية وتطوير مهارات محددة على الصعيد الفكري كالقدرة على التخيّل والإبداع وإيجاد أساليب تفكير وتنفيذ جديدة، كما سيلعب التفكير التحليلي دوراً بارزاً على صعيد القدرة على التأقلم والمبادرة بطرح أفكار خلاقة. وسيكون للشخصيات القيادية القدرة على إيجاد الحلول. أما المهارات الاجتماعية التي سيكون لها دور أساسي في مجال العمل، ستشمل قدرة الشخص على التواصل والسيطرة على حركة الجسد ونبرة الصوت لإيصال الأفكار بالطريقة الأفضل، بالإضافة إلى القدرة على اتخاذ القرارات واصدار الأحكام، التنوع، الذكاء الثقافي والقدرة على التأقلم.

 

 

ما هو شعورك؟

احببته

احببته

3

احزنني

احزنني

0

اسعدني

اسعدني

1

اغضبني

اغضبني

0

لتعلق يجب أن تسجل الدخول أولاً

تسجيل دخول